لان الله تعالى وعده بظهور دينه، وعاقبة امره فيجب على قولك الا يكون مثابا عند الله تعالى على ما يحتمله من المكروه، ولا ما يصيبه من الأذى إذ كان قد أيقن بالسلامة والفتح في عدته.
قال الجاحظ ومن جحد كون أبى بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كفر لأنه جحد نص الكتاب، ثم انظر إلى قوله تعالى ﴿إن الله معنا﴾ (١) من الفضيلة لأبي بكر، لأنه شريك رسول الله صلى الله عليه وآله في كون الله تعالى معه وإنزال السكينة، قال كثير من الناس انه في الآية مخصوص بأبي بكر، لأنه كان محتاجا إلى السكينة لما تداخله من رقة الطبع البشرى، والنبي صلى الله عليه وآله كان غير محتاج إليها، لأنه يعلم أنه محروس من الله تعالى، فلا معنى لنزول السكينة عليه، وهذه فضيلة ثالثة لأبي بكر.
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله إن أبا عثمان يجر على نفسه ما لا طاقة له به من مطاعن الشيعة، ولقد كان في غنية عن التعلق بما تعلق به، لان الشيعة تزعم أن هذه الآية، بان تكون طعنا وعيبا على أبى بكر، أولى من أن تكون فضيلة ومنقبة له، لأنه لما قال له (لا تحزن) دل على أنه قد كان حزن وقنط وأشفق على نفسه، وليس هذا من صفات المؤمنين الصابرين، ولا يجوز أن يكون حزنه طاعة، لان الله تعالى لا ينهى عن الطاعة، فلو لم يكن ذنبا لم ينه عنه، وقوله (إن الله معنا) أي إن الله عالم بحالنا وما نضمره من اليقين أو الشك، كما يقول الرجل لصاحبه لا تضمرن سوءا ولا تنوين قبيحا، فان الله تعالى يعلم ما نسره وما نعلنه، وهذا مثل قوله تعالى ﴿ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا هو معهم أينما كانوا﴾ (2)، أي هو عالم بهم، واما السكينة