شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٧٠
فتذكر الرواة أن جعفرا أسلم منذ ذلك اليوم، لان أباه امره بذلك وأطاع امره، وأبو بكر لم يقدر على ادخال ابنه عبد الرحمن في الاسلام حتى أقام بمكة على كفره ثلاث عشرة سنة، وخرج يوم أحد في عسكر المشركين ينادى انا عبد الرحمن بن عتيق، هل من مبارز ثم مكث بعد ذلك على كفره، حتى أسلم عام الفتح، وهو اليوم الذي دخلت فيه قريش في الاسلام طوعا وكرها، ولم يجد أحد منها إلى ترك ذلك سبيلا وأين كان رفق أبى بكر وحسن احتجاجه عند أبيه أبى قحافة وهما في دار واحدة هلا رفق به ودعاه إلى الاسلام فأسلم وقد علمتم انه بقي على الكفر إلى يوم الفتح، فأحضره ابنه عند النبي صلى الله عليه وآله وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة (١)، فنفر رسول الله صلى الله عليه وآله منه، وقال غيروا هذا، فخضبوه، ثم جاءوا به مرة أخرى، فأسلم. وكان أبو قحافة فقيرا مدقعا سيئ الحال، وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال، فلم يمكنه استمالته إلى الاسلام بالنفقة والاحسان، وقد كانت امرأة أبى بكر أم عبد الله ابنه - واسمها نملة بنت عبد العزى بن أسعد بن عبد بن ود العامرية - لم تسلم، وأقامت على شركها بمكة، وهاجر أبو بكر وهي كافرة، فلما نزل قوله تعالى ﴿ولا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ (2)، فطلقها أبو بكر، فمن عجز عن ابنه وأبيه وامرأته فهو عن غيرهم من الغرماء أعجز، ومن لم يقبل منه أبوه وابنه وامرأته لا برفق واحتجاج، ولا خوفا من قطع النفقة عنهم، وادخال المكروه عليهم فغيرهم أقل قبولا منه، وأكثر خلافا عليه.
قال الجاحظ وقالت أسماء بنت أبي بكر ما عرفت أبى الا وهو يدين بالدين، ولقد رجع إلينا يوم أسلم، فدعانا إلى الاسلام، فما رمنا حتى أسلمنا، وأسلم أكثر جلسائه، ولذلك قالوا من أسلم بدعاء أبى بكر أكثر ممن أسلم بالسيف، ولم يذهبوا في ذلك إلى العدد، بل عنوا الكثرة في القدر، لأنه أسلم على يديه خمسة من أهل الشورى،

(١) الثغام: كسحاب: ضرب من النبات أبيض.
(٢) سورة الممتحنة ١٠.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317