شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٧
والتصرف في أنفسهم، فكيف أهمل الجاحظ هذه الفضيلة، ونسي هذه الخصيصة، ولا نظير لها ولكن لا يبالي الجاحظ بعد أن يسوغ له لفظه، وتنسق له خطابته، ما ضيع من المعنى، ورجع عليه من الخطا.
فاما قوله واعلموا أن العاقبة للمتقين، ففيه إشارة إلى معنى غامض قصده الجاحظ - يعنى أن لا فضيلة لعلى عليه السلام في الجهاد، لان الرسول كان أعلمه انه منصور، وان العاقبة له - وهذا من دسائس الجاحظ وهمزاته ولمزاته، وليس بحق ما قاله، لان رسول الله صلى الله عليه وآله اعلم أصحابه جملة أن العاقبة لهم، ولم يعلم واحدا منهم بعينه انه لا يقتل، لا عليا ولا غيره، وان صح انه كان أعلمه انه لا يقتل، فلم يعلمه انه لا يقطع عضو من أعضائه، ولم يعلمه انه لا يمسه ألم جراح في جسده، ولم يعلمه انه لا يناله الضرب الشديد.
وعلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد اعلم أصحابه قبل يوم بدر - وهو يومئذ بمكة - أن العاقبة لهم، كما اعلم أصحابه بعد الهجرة ذلك، فإن لم يكن لعلى والمجاهدين فضيلة في الجهاد بعد الهجرة لإعلامه إياهم ذلك، فلا فضيلة لأبي بكر وغيره في احتمال المشاق قبل الهجرة لإعلامه إياهم بذلك، فقد جاء في الخبر انه وعد أبا بكر قبل الهجرة بالنصر، وانه قال له أرسلت إلى هؤلاء بالذبح، وان الله تعالى سيغنمنا أموالهم، ويملكنا ديارهم، فالقول في الموضعين متساو ومتفق.
قال الجاحظ وأن بين المحنة في الدهر الذي صار فيه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله مقرنين لأهل مكة ومشركي قريش، ومعهم أهل يثرب أصحاب النخيل والآطام و الشجاعة والصبر والمواساة، والايثار والمحاماة والعدد الدثر، والفعل الجزل، وبين الدهر الذي كانوا فيه بمكة يفتنون ويشتمون، ويضربون ويشردون، ويجوعون ويعطشون،
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317