من الاعراب ستدعون إلى قوم أولي باس شديد تقاتلونهم أو يسلمون)، وإنما أراد أن الرسول سيدعوكم فيما بعد إلى قتال قوم أولي باس شديد، وقد دعاهم النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك إلى غزوات كثيرة، إلى قوم أولي باس شديد، كمؤتة وحنين و تبوك وغيرهما، فمن أين يجب أن يكون الداعي لهؤلاء غير النبي صلى الله عليه وآله، مع ما ذكرناه من الحروب التي كانت بعد خيبر.
وقوله إن معنى قوله تعالى (كذلكم قال الله من قبل)، إنما أراد به ما بينه في قوله (فان رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي ابدا ولن تقاتلوا معي عدوا)، بتبوك سنة تسع، وآية الفتح نزلت في سنة ست، فكيف يكون قبلها.
وليس يجب أن يقال في القرآن بالإرادة، وبما يحتمل من الوجوه في كل موضع دون الرجوع إلى تاريخ نزول الآي، والأسباب التي وردت عليها، وتعلقت بها.
ومما يبين لك أن هؤلاء المخلفين غير أولئك لو لم نرجع في ذلك إلى نقل وتاريخ، قوله تعالى في هؤلاء ﴿فان تطيعوا يؤتكم الله اجرا حسنا وان تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما﴾ (١)، فلم يقطع منهم على طاعة ولا معصية، بل ذكر الوعد والوعيد على ما يفعلونه من طاعة أو معصية، وحكم المذكورين في آية سورة التوبة بخلاف هذه لأنه تعالى بعد قوله ﴿انكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين * ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون * ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾ (2)، واختلاف أحكامهم وصفاتهم يدل