فان قيل إنما أراد الله بذلك أهل الجمل وصفين قيل هذا فاسد من وجهين أحدهما قوله تعالى (تقاتلونهم أو يسلمون)، والذين حاربوا أمير المؤمنين كانوا على الاسلام، ولم يقاتلوا على الكفر. والوجه الثاني انا لا نعرف من الذين عناهم الله تعالى بهذا من بقي إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام، كما علمنا أنهم كانوا باقين في أيام أبى بكر.
اعترض المرتضى رحمه الله على هذا الكلام من وجهين أحدهما انه نازع في اقتضاء الآية داعيا يدعو هؤلاء المخلفين غير النبي صلى الله عليه وآله، وذلك لان قوله تعالى ﴿سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم ابدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا﴾ (1).
إنما أراد به سبحانه الذين تخلفوا عن الحديبية بشهادة جميع أهل النقل وإطباق المفسرين.
ثم قال تعالى (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون الا قليلا) (1)، وإنما التمس هؤلاء المخلفون أن يخرجوا إلى غنيمة خيبر، فمنعهم الله تعالى من ذلك، وامر نبيه أن يقول لهم لن تتبعونا إلى هذه الغزاة، لان الله تعالى كان حكم من قبل بان غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية، وانه لاحظ لمن لم يشهدها، وهذا هو معنى قوله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله)، وقوله (كذلكم قال الله من قبل)، ثم قال تعالى (قل للمخلفين