شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٠٢
أم رسول الله صلى الله عليه وآله التي أرضعته تحدث انها خرجت من بلدها ومعها زوجها وابن لها ترضعه في نسوة من بنى سعد بن بكر يلتمسن الرضاع (1) بمكة، في سنة شهباء (2) لم تبق شيئا، قالت فخرجت على أتان لنا قمراء (3) عجفاء، ومعنا شارف (4) لنا، ما تبض (5) بقطرة، ولا ننام ليلنا أجمع من بكاء صبينا الذي معنا من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، ولا في شارفنا ما يغديه، (6) ولكنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك، ولقد أراثت بالركب ضعفا وعجفا، (7) حتى شق ذلك عليهم، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضاع (8) فما منا امرأة الا وقد عرض عليها محمد صلى الله عليه وآله فتأباه إذا قيل لها انه يتيم، وذلك انا إنما كنا نرجو المعروف من أبى الصبي، فكنا نقول يتيم، ما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك، فما بقيت امرأة ذهبت معي الا اخذت رضيعا غيري، فلما اجتمعنا للانطلاق قلت لصاحبي والله انى لأكره أن ارجع من بين صواحبي لم آخذ رضيعا، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قال لا عليك أن تفعلي وعسى الله أن يجعل لنا فيه بركة، فذهبت إليه فأخذته، وما يحملني على اخذه الا انى لم أجد غيره قالت فلما اخذته رجعت إلى رحلي، فلما وضعته في حجري اقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فرضع حتى روى وشرب معه أخوه حتى روى، وما كنا ننام قبل ذلك من بكاء صبينا جوعا، فنام، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فنظر إليها فإذا انها حافل (9)، فحلب منها ما شرب وشربت انتهينا ريا وشبعا، فبتنا بخير ليلة، قالت يقول

(1) ابن هشام (تلتمس الرضعاء).
(2) سنة شهباء، تريد بها سنة الجدب، وذلك أن الأرض حينئذ تكون بيضاء لا نبات فيها.
(3) القمرة بالضم: لون إلى الخضرة أو بياض فيه كدرة وحمار أقمر وأتان قمراء. القاموس.
(4) الشارف: الناقة المسنة.
(5) قال أبو ذر الخشني: ما تبض بالضاد المعجمة، معناه: ما تنشغ ولا ترشح، ومن رواه بالصاد المهملة، فمعناه: (لا يبرق عليها أثر لين، من البصيص وهو اللمعان).
(6) قال ابن هشام: (ما يغذيه).
(7) ابن هشام: (فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا).
(8) ابن هشام: (الرضعاء).
(9) حافل: اي ممتلئة الضرع.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317