أم رسول الله صلى الله عليه وآله التي أرضعته تحدث انها خرجت من بلدها ومعها زوجها وابن لها ترضعه في نسوة من بنى سعد بن بكر يلتمسن الرضاع (1) بمكة، في سنة شهباء (2) لم تبق شيئا، قالت فخرجت على أتان لنا قمراء (3) عجفاء، ومعنا شارف (4) لنا، ما تبض (5) بقطرة، ولا ننام ليلنا أجمع من بكاء صبينا الذي معنا من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، ولا في شارفنا ما يغديه، (6) ولكنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك، ولقد أراثت بالركب ضعفا وعجفا، (7) حتى شق ذلك عليهم، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضاع (8) فما منا امرأة الا وقد عرض عليها محمد صلى الله عليه وآله فتأباه إذا قيل لها انه يتيم، وذلك انا إنما كنا نرجو المعروف من أبى الصبي، فكنا نقول يتيم، ما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك، فما بقيت امرأة ذهبت معي الا اخذت رضيعا غيري، فلما اجتمعنا للانطلاق قلت لصاحبي والله انى لأكره أن ارجع من بين صواحبي لم آخذ رضيعا، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قال لا عليك أن تفعلي وعسى الله أن يجعل لنا فيه بركة، فذهبت إليه فأخذته، وما يحملني على اخذه الا انى لم أجد غيره قالت فلما اخذته رجعت إلى رحلي، فلما وضعته في حجري اقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فرضع حتى روى وشرب معه أخوه حتى روى، وما كنا ننام قبل ذلك من بكاء صبينا جوعا، فنام، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فنظر إليها فإذا انها حافل (9)، فحلب منها ما شرب وشربت انتهينا ريا وشبعا، فبتنا بخير ليلة، قالت يقول
(٢٠٢)