على مذهبهم ثم إن مذهبنا في محاربي أمير المؤمنين عليه السلام معروف، لأنهم عندنا كانوا كفارا بمحاربته لوجوه:
الأول منها إن من حاربه كان مستحلا لقتاله، مظهرا انه في ارتكابه على حق، ونحن نعلم أن من أظهر استحلال شرب جرعة خمر هو كافر بالاجماع، واستحلال دماء المؤمنين فضلا عن أفاضلهم وأكابرهم أعظم من شرب الخمر واستحلاله، فيجب أن يكونوا من هذا الوجه كفارا.
الثاني انه عليه السلام قال له بلا خلاف بين أهل النقل (حربك يا علي حربي، وسلمك سلمى) ونحن نعلم أنه لم يرد الا التشبيه بينهما في الاحكام، ومن احكام محاربي النبي صلى الله عليه وآله الكفر بلا خلاف.
الثالث إن النبي صلى الله عليه وآله قال له بلا خلاف أيضا (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله)، وقد ثبت عندنا أن العداوة من الله لا تكون الا للكفار الذين يعادونه دون فساق أهل الملة.
الرابع قوله انا لا نعلم ببقاء هؤلاء المخلفين إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام فليس بشئ، لأنه إذا لم يكن ذلك معلوما ومقطوعا عليه، فهو مجوز وغير معلوم خلافه، والجواز كاف لنا في هذا الموضع.
ولو قيل له من أين علمت بقاء المخلفين المذكورين في الآية على سبيل القطع إلى أيام أبى بكر لكان يفزع إلى أن يقول حكم الآية يقتضى بقاءهم حتى يتم كونهم مدعوين إلى قتال أولي الباس الشديد على وجه يلزمهم فيه الطاعة، وهذا بعينه يمكن أن يقال له، ويعتمد في بقائهم إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام على ما يوجبه حكم الآية.
فان قيل كيف يكون أهل الجمل وصفين كفارا ولم يسر أمير المؤمنين عليه السلام