شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٩٥
فهذه جملة ما ذكره المرتضى رحمه الله في هذا الموضع، وأكثره جيد لا اعتراض عليه، وقد كان يمكنه أن يقول لو سلمنا بكل هذا لكان ليس في قوله (لن تخرجوا معي ابدا) الآية ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله لا يكون هو الداعي لهم إلى القوم أولي الباس الشديد، لأنه ليس فيها الا محض الاخبار عنهم بأنهم لا يخرجون معه، ولا يقاتلون العدو معه، وليس في هذا ما ينفى كونه داعيا لهم، كما أنه عليه السلام قال (أبو لهب لا يؤمن بي)، لم يكن هذا القول نافيا لكونه يدعوه إلى الاسلام.
وقوله (فاقعدوا مع الخالفين) ليس بأمر على الحقيقة، وإنما هو تهديد كقوله ﴿اعملوا ما شئتم﴾ (1) ولا بد للمرتضى ولقاضي القضاة جميعا من أن يحملا صيغة (افعل) على هذا المحمل، لأنه ليس لأحدهما بمسوغ أن يحمل الامر على حقيقته، لان الشارع لا يأمر بالقعود وترك الجهاد مع القدرة عليه، وكونه قد تعين وجوبه.
فان قلت لو قدرنا أن هذه الآية، وهي قوله تعالى (قل للمخلفين من الاعراب ستدعون إلى قوم أولي باس شديد)، أنزلت بعد غزوة تبوك، وبعد نزول سورة (براءة)، التي تتضمن قوله تعالى (لن تخرجوا معي ابدا)، وقدرنا أن قوله تعالى (لن تخرجوا معي ابدا ليس) اخبارا محضا كما تأولته أنت وحملت الآية عليه، بل معناه لا أخرجكم معي ولا أشهدكم حرب العدو، هل كان يتم الاستدلال؟
قلت لا لان للامامية أن تقول يجوز أن يكون الداعي إلى حرب القوم أولي الباس الشديد مع تسليم هذه المقدمات كلها هو رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه دعاهم إلى حرب الروم في سرية أسامة بن زيد في صفر من سنة إحدى عشرة، لما سيره إلى البلقاء، وقال له سر إلى الروم مقتل أبيك فأوطئهم الخيول وحشد معه أكثر المسلمين، فهذا الجيش قد دعى فيه المخلفون من الاعراب الذين قعدوا عن الجهاد

(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317