على وجه الطف وأحسن وأصح مما ذكره، فيقول المراد بها من ارتد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في واقعة الأسود العنسي باليمن، فان كثيرا من المسلمين ضلوا به وارتدوا عن الاسلام، وادعوا له النبوة، واعتقدوا صدقه، والقوم الذين يحبهم الله ويحبونه القوم الذين كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأغراهم بقتله، والفتك به، وهم فيروز الديلمي وأصحابه والقصة مشهورة.
وقد كان له أيضا أن يقول لم قلت إن الذين قاتلهم أبو بكر وأصحابه كانوا مرتدين فان المرتد من ينكر دين الاسلام بعد أن كان قد تدين به، والذين منعوا الزكاة لم ينكروا أصل دين الاسلام، وإنما تأولوا فأخطأوا; لأنهم تأولوا قول الله تعالى ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم﴾ (1); فقالوا إنما ندفع زكاة أموالنا إلى من صلاته سكن لنا، ولم يبق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله من هو بهذه الصفة، فسقط عنا وجوب الزكاة، ليس هذا من الردة في شئ، وإنما سماهم الصحابة أهل الردة على سبيل المجاز، اعظاما لما قالوه وتأولوه.
فان قيل إنما الاعتماد على قتال أبى بكر وأصحابه لمسيلمة وطليحة اللذين ادعيا النبوة، وارتد بطريقهما كثير من العرب، لا على قتال مانعي الزكاة.
قيل إن مسيلمة وطليحة جاهدهما رسول الله صلى الله عليه وآله قبل موته بالكتب والرسل، وأنفذ لقتلهما جماعة من المسلمين، وأمرهم أن يفتكوا بهما غيلة إن أمكنهم ذلك; واستنفر عليهما قبائل من العرب، وكل ذلك مفصل مذكور في كتب السيرة والتواريخ، فلم لا يجوز أن يكون أولئك النفر الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله للفتك بهما، هم المعنيون بقوله (يحبهم ويحبونه) إلى آخر الآية ولم يقل في الآية (يجاهدون