نراعيها، لنعلم أفي صاحبنا هي أم في صاحبك وقد جعله الرسول صلى الله عليه وآله في خيبر حين فر من فر من القوم عن العدو صاحب هذه الأوصاف، فقال لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار; فدفعها إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
ثم قوله تعالى ﴿أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين﴾ (1)، يقتضى ما ذكرنا، لأنه من المعلوم بلا خلاف حال أمير المؤمنين عليه السلام في التخاشع والتواضع، وذم نفسه، وقمع غضبه، وانه ما رئي قط طائشا ولا متطيرا في حال من الأحوال، ومعلوم حال صاحبيكم في هذا الباب، اما أحدهما فإنه اعترف طوعا بان له شيطانا يعتريه عند غضبه، واما الاخر فكان معروفا بالجد والعجلة، مشهورا بالفظاظة والغلظة، واما العزة على الكافرين، فإنما تكون بقتالهم وجهادهم والانتقام منهم، وهذه حال لم يسبق أمير المؤمنين عليه السلام إليها سابق، ولا لحقه فيها لاحق.
ثم قال تعالى (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) (1)، وهذا وصف أمير المؤمنين المستحق له بالاجماع، وهو منتف عن أبي بكر وصاحبه اجماعا، لأنه لا قتيل لهما في الاسلام، ولا جهاد بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله، وإذا كانت الأوصاف المراعاة في الآية حاصلة لأمير المؤمنين عليه السلام، وغير حاصلة لمن ادعيتم، لأنها فيهم على ضربين ضرب معلوم انتفاؤه كالجهاد، وضرب مختلف فيه كالأوصاف التي هي غير الجهاد، وعلى من أثبتها لهم الدلالة على حصولها، ولا بد أن يرجع في ذلك إلى غير ظاهر الآية، لم يبق في يده من الآية دليل.
هذه جملة ما ذكره المرتضى رحمه الله، ولقد كان يمكنه التخلص من الاحتجاج بالآية