شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٨٦
نراعيها، لنعلم أفي صاحبنا هي أم في صاحبك وقد جعله الرسول صلى الله عليه وآله في خيبر حين فر من فر من القوم عن العدو صاحب هذه الأوصاف، فقال لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار; فدفعها إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
ثم قوله تعالى ﴿أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين﴾ (1)، يقتضى ما ذكرنا، لأنه من المعلوم بلا خلاف حال أمير المؤمنين عليه السلام في التخاشع والتواضع، وذم نفسه، وقمع غضبه، وانه ما رئي قط طائشا ولا متطيرا في حال من الأحوال، ومعلوم حال صاحبيكم في هذا الباب، اما أحدهما فإنه اعترف طوعا بان له شيطانا يعتريه عند غضبه، واما الاخر فكان معروفا بالجد والعجلة، مشهورا بالفظاظة والغلظة، واما العزة على الكافرين، فإنما تكون بقتالهم وجهادهم والانتقام منهم، وهذه حال لم يسبق أمير المؤمنين عليه السلام إليها سابق، ولا لحقه فيها لاحق.
ثم قال تعالى (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) (1)، وهذا وصف أمير المؤمنين المستحق له بالاجماع، وهو منتف عن أبي بكر وصاحبه اجماعا، لأنه لا قتيل لهما في الاسلام، ولا جهاد بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله، وإذا كانت الأوصاف المراعاة في الآية حاصلة لأمير المؤمنين عليه السلام، وغير حاصلة لمن ادعيتم، لأنها فيهم على ضربين ضرب معلوم انتفاؤه كالجهاد، وضرب مختلف فيه كالأوصاف التي هي غير الجهاد، وعلى من أثبتها لهم الدلالة على حصولها، ولا بد أن يرجع في ذلك إلى غير ظاهر الآية، لم يبق في يده من الآية دليل.
هذه جملة ما ذكره المرتضى رحمه الله، ولقد كان يمكنه التخلص من الاحتجاج بالآية

(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317