فيقتلون)، وإنما ذكر الجهاد فقط، وقد كان الجهاد من أولئك النفر حاصلا وان لم يبلغوا الغرض، كما كان الجهاد حاصلا عند حصار الطائف وإن لم يبلغ فيه الغرض.
وقد كان له أيضا أن يقول سياق الآية لا يدل على ما ظنه المستدل بها; من أنه من يرتدد عن الدين، فان الله يأتي بقوم يحبهم ويحبونه يحاربونه لأجل ردته، وإنما الذي يدل عليه سياق الآية انه من يرتد منكم عن دينه بترك الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله - وسماه ارتدادا على سبيل المجاز - فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، يجاهدون في سبيل الله معه عوضا عنكم، وكذلك كان كل من خذل النبي صلى الله عليه وآله وقعد عن النهوض معه في حروبه، أغناه الله تعالى عنه بطائفة أخرى من المسلمين جاهدوا بين يديه.
واما قول المرتضى رحمه الله انها أنزلت في الناكثين والقاسطين والمارقين الذين حاربهم أمير المؤمنين عليه السلام فبعيد، لأنهم لا يطلق عليهم لفظ (الردة) عندنا، ولا عند المرتضى وأصحابه، اما اللفظ فبالاتفاق وان سموهم كفارا. واما المعنى فلان في مذهبهم إن من ارتد - وكان قد ولد على فطرة الاسلام - بانت امرأته منه، وقسم ماله بين ورثته، وكان على زوجته عده المتوفى عنها زوجها; معلوم أن أكثر محاربي أمير المؤمنين عليه السلام كانوا قد ولدوا في الاسلام، ولم يحكم فيهم بهذه الأحكام.
وقوله (إن الصفات غير متحققة في صاحبكم)، فلعمري أن حظ أمير المؤمنين عليه السلام منها هو الحظ الأوفى، ولكن الآية ما خصت الرئيس بالصفات المذكورة، وإنما أطلقها على المجاهدين، هم الذين يباشرون الحرب، فهب إن أبا بكر وعمر ما كانا بهذه الصفات، لم لا يجوز أن يكون مدحا لمن جاهد بين أيديهما من المسلمين، وباشر الحرب، وهم شجعان المهاجرين والأنصار الذين فتحوا الفتوح، ونشروا الدعوة، وملكوا الأقاليم.