الأصل:
منها في صفة الجنة: فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها، لعزفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها ولذاتها وزخارف مناظرها، ولذهلت بالفكر في اصطفاف أشجار غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها، وفى تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها، وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها، تجنى من غير تكلف فتأتي على منية مجتنيها، ويطاف على نزالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفقة، والخمور المروقة.
قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتى حلوا دار القرار، وأمنوا نقلة الاسفار فلو شغلت قلبك أيها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة لزهقت نفسك شوقا إليها، ولتحملت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها، جعلنا الله وإياكم ممن يسعى بقلبه إلى منازل الأبرار برحمته!
قال الرضى رحمه الله تعالى:
تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب قوله عليه السلام: " يؤر بملاقحه " الأر: كناية عن النكاح، يقال أر الرجل المرأة يؤرها، إذا نكحها.
وقوله عليه السلام: " كأنه قلع داري عنجه نؤتيه " القلع: شراع السفينة وداري: منسوب إلى دارين، وهي بلدة على البحر يجلب منها الطيب. وعنجه، أي عطفه، يقال: عنجت الناقة، كنصرت، أعنجها عنجا إذا عطفتها. والنوتي: الملاح.