قال: فالتقى القوم جميعا بالرماح، وصاروا إلى السيوف، وتجالدوا حتى أدركهم الليل.
فقالت همدان: يا معشر عك، نحن نقسم بالله إننا لا ننصرف حتى تنصرفوا. وقالت عك مثل ذلك، فأرسل معاوية إلى عك أن أبروا قسم (1) إخوتكم وهلموا. فانصرفت عك، فلما انصرفت انصرفت همدان، فقال عمرو: يا معاوية، والله لقد لقيت أسد أسدا: لم أر والله كهذا اليوم قط لو أن معك حيا كعك، أو مع علي حي كهمدان لكان الفناء.
وقال عمرو في ذلك:
إن عكا وحاشدا وبكيلا * كأسود الضراء لاقت أسودا وجثا القوم بالقنا وتساقوا * بظباة السيوف موتا عتيدا ازورار المناكب العلب بالشم وضرب المسومين الخدودا ليس يدرون ما الفرار ولو كان * فرارا لكان ذاك سديدا يعلم الله ما رأيت من القوم * ازورارا، ولا رأيت صدودا غير ضرب فوق الطلى على الهام * وقرع الحديد يعلو الحديدا ولقد قال قائل خدموا السوق * فخرت هناك عك قعودا كبروك الجمال أثقلها الحمل * فما تستقل إلا وئيدا قال: ولما اشترطت علك والأشعريون على معاوية ما اشترطوا من الفريضة والعطاء فأعطاهم، لم يبق من أهل العراق أحد في قلبه مرض إلا طمع في معاوية، وشخص (2) ببصره إليه، حتى فشا ذلك في الناس، وبلغ عليا عليه السلام، فساءه.