شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٣٠٢
والجهد بالفتح: الغاية، ويقال: قد جهد فلان جهده بالفتح، لا يجوز غير ذلك، أي انتهى إلى غايته. وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن ثقيفا.
وروى أنه عليه السلام قال: " لولا عروة بن مسعود للعنت ثقيفا ".
وروى الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن ثلاث بيوت: بيتان من مكة، وهما بنو أمية وبنو المغيرة، وبيت من الطائف وهم ثقيف.
وفى الخبر المشهور المرفوع وقد ذكر ثقيفا: " بئست القبيلة،! يخرج منها كذاب ومبير (1) "، فكان كما قال صلى الله عليه وآله، الكذاب المختار، والمبير الحجاج.
واعلم أن هذا الكلام لم يكن بحضرة عثمان، ولكن عوانة روى عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن الشعبي، أن عثمان لما كثرت شكايته من علي عليه السلام، أقبل لا يدخل إليه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أحد إلا شكي إليه عليا، فقال له زيد بن ثابت الأنصاري - وكان من شيعته وخاصته: أفلا أمشى إليه فأخبره بموجدتك فيما يأتي إليك! قال: بلى، فأتاه زيد ومعه المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي - وعداده في بنى زهرة، وأمه عمة عثمان بن عفان - في جماعة، فدخلوا عليه، فحمد زيد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الله قدم لك سلفا صالحا في الاسلام، وجعلك من الرسول بالمكان الذي أنت به، فأنت للخير كل الخير أهل، وأمير المؤمنين عثمان ابن عمك، ووالى هذه الأمة فله عليك حقان: حق الولاية وحق القرابة، وقد شكا إلينا أن عليا يعرض لي، ويرد أمري على، وقد مشينا إليك نصيحة لك، وكراهية أن يقع بينك وبين ابن عمك أمر نكرهه لكما.
قال: فحمد علي عليه السلام الله، وأثنى عليه وصلى على رسوله، ثم قال: أما بعد، فوالله ما أحب الاعتراض، ولا الرد عليه، إلا أن يأبى حقا لله لا يسعني ان أقول فيه إلا بالحق، ووالله لأكفن عنه ما وسعني الكف.

(1) المبير: المهلك.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303