شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٩٢
فالله تعالى يقول: ﴿وما عند الله خير وأبقى للذين اتقوا﴾ (١)، وإن كان مسيئا فالله تعالى يقول: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما) (٢).
وقال ميمون بن مهران: بت ليلة عند عمر بن عبد العزيز، فرأيته يبكى ويكثر من تمنى الموت، فقلت له: إنك أحييت سننا، وأمت بدعا، وفي بقائك خير للمسلمين، فما بالك تتمنى الموت! فقال: ألا أكون كالعبد الصالح حين أقر الله له عينه، وجمع له أمره، قال: ﴿رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين﴾ (3)!
وقالت الفلاسفة: لا يستكمل الانسان حد الانسانية إلا بالموت، لان الانسان هو الحي الناطق الميت.
وقال بعضهم الصالح إذا مات استراح، والطالح إذا مات استريح منه.
وقال الشاعر:
جزى الله عنا الموت خيرا فإنه * أبر بنا من كل بر وأرأف يعجل تخليص النفوس من الأذى * ويدني من الدار التي هي أشرف.
وقال آخر:
من كان يرجو أن يعيش فإنني * أصبحت أرجوا أن أموت لا عتقا في الموت ألف فضيلة لو أنها * عرفت لكان سبيله أن يعشقا وقال أبو العلاء:
جسمي ونفسي لما استجمعا صنعا * شرا إلى فجل الواحد الصمد!

(١) سورة القصص ٦٠ (٢) سورة آل عمران ١٧٨.
(٣) سورة يوسف ١٠١.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303