شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٩
عمارا تقتله الفئة الباغية، وإنه ليس لعمار أن يفارق الحق، ولن تأكل النار من عمار شيئا "، فقال أبو نوح: لا إله إلا الله، والله أكبر، والله إنه لفينا جاد على قتالكم! فقال عمرو:
الله الذي لا إله إلا هو إنه لجاد على قتالنا! قال: نعم والله الذي لا إله إلا هو، ولقد حدثني يوم الجمل أنا سنظهر على أهل البصرة ولقد قال لي أمس إنكم لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات (1) هجر لعلمنا أنا على الحق، وأنكم على باطل ولكانت قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. قال عمرو: فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قال: نعم، فركب عمرو بن العاص وابناه وعتبة بن أبي سفيان وذو الكلاع، وأبو الأعور السلمي، وحوشب، والوليد بن عقبة وانطلقوا، وسار أبو نوح ومعه شرحبيل بن ذي الكلاع يحميه، حتى انتهى إلى أصحابه، فذهب أبو نوح إلى عمار، فوجده قاعدا مع أصحاب له، منهم الأشتر وهاشم وابنا بديل، وخالد بن معمر، وعبد الله بن حجل، وعبد الله بن العباس.
فقال لهم (2) أبو نوح: إنه دعاني ذو الكلاع، وهو ذو رحم، فقال: أخبرني عن عمار ابن ياسر، أفيكم هو؟ فقلت: لم تسأل؟ فقال: أخبرني عمرو بن العاص في إمرة عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه، يقول: " يلتقي أهل الشام وأهل العراق، وعمار مع أهل الحق، وتقتله الفئة الباغية "، فقلت: نعم، إن عمارا فينا، فسألني أجاد هو على قتالنا؟ فقلت: نعم والله، إنه لأجد منى في ذلك ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته وبدأت بك يا ذا الكلاع، فضحك عمار، وقال: أيسرك ذلك؟ قال: نعم، ثم قال أبو نوح: أخبرني الساعة عمر بن العاص، إنه سمع رسول الله صلى الله عليه يقول:
" تقتل عمارا الفئة الباغية "، قال عمار أقررته بذلك؟ قال: نعم، لقد قررته بذلك فأقر،

(١) الحديث في النهاية 2: 162، قال في شرحه: " السعفات: جمع سعفة، بالتحريك، وهي أغصان النخيل، وقيل: إذا يبست سميت سعفة، وإذا كانت رطبة، فهي شطبة، وإنما خص هجر للمباعدة في المسافة، ولأنها موصوفة بكثرة النخيل ".
(2) صفين: " وقال أبو نوح ".
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303