وراء موضعه الأول وأحاطوا به، ووجد أهل العراق لواءهم مركوزا وليس حوله إلا ربيعة، وعلي عليه السلام بينها، وهم محيطون به، وهو لا يعلم من هم، ويظنهم غيرهم، فلما أذن مؤذن علي عليه السلام الفجر قال علي عليه السلام.
يا مرحبا بالقائلين عدلا * وبالصلاة مرحبا وأهلا ثم وقف وصلى الفجر، فلما انفتل أبصر وجوها ليست بوجوه أصحابه بالأمس، وإذا مكانه الذي هو فيه ما بين الميسرة إلى القلب، فقال: من القوم؟ قالوا: ربيعة، وإنك يا أمير المؤمنين لعندنا (1) منذ الليلة، فقال:
* فخر طويل لك يا ربيعة * ثم قال لهاشم بن عتبة: خذ اللواء: فوالله ما رأيت مثل هذه الليلة فخرج هاشم باللواء حتى ركزه في القلب (2).
قال نصر: حدثنا عمرو بن شمر، عن الشعبي قال: عبى معاوية تلك الليلة أربعة آلاف وثلاثمائة من فارس وراجل معلمين (3) بالخضرة، وأمرهم أن يأتوا عليا عليه السلام من ورائه، ففطنت لهم همدان فواجهوهم وصمدوا إليهم، فباتوا تلك الليلة يتحارسون، وعلي عليه السلام قد أفضى به ذهابه ومجيئه إلى رايات ربيعة، فوقف بينها وهو لا يعلم، ويظن أنه في عسكر الأشعث، فلما أصبح لم ير الأشعث ولا أصحابه، ورأي سعيد بن قيس الهمداني على مركزه، فجاء إلى سعيد رجل من ربيعة، يقال له زفر (4) فقال [له] (5): ألست القائل بالأمس: لئن لم تنته ربيعة لتكونن ربيعة ربيعة، وهمدان همدان، فما أغنت همدان