شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠
فقال عمار: صدق، وليضرنه ما سمع ولا ينفعه. قال أبو نوح: فإنه يريد أن يلقاك، فقال عمار لأصحابه: اركبوا، فركبوا وساروا. قال: فبعثنا إليهم فارسا من عبد القيس يسمى عوف بن بشر فذهب، حتى إذا كان قريبا منهم، نادى: أين عمرو بن العاص؟ قالوا: هاهنا فأخبره بمكان عمار وخيله، قال عمرو: قل له: فليسر إلينا، قال عوف: إنه يخاف غدارتك وفجراتك، قال عمرو: ما أجرأك على وأنت على هذه الحال؟ قال عوف: جرأني عليك بصري فيك وفي أصحابك، وإن شئت نابذتك الان سواء [وإن شئت التقيت أنت وخصماؤك، وأنت كنت غادرا] (1). فقال عمرو: إنك لسفيه، وإني باعث إليك رجلا من أصحابي يواقفك (2)، قال ابعث من شئت، فلست بالمستوحش، وإنك لا تبعث إلا شقيا، فرجع عمرو وأنفذ إليه أبا الأعور، فلما تواقفا تعارفا، فقال عوف: إني لأعرف الجسد وأنكر القلب، وإني لا أراك مؤمنا ولا أراك إلا من أهل النار. قال أبو الأعور: يا هذا، لقد أعطيت لسانا يكبك الله به على وجهك في النار، قال عوف: كلا والله إني لأتكلم بالحق وتتكلم بالباطل، وإني أدعوك إلى الهدى وأقاتلك على الضلال (3) وأفر من النار، وأنت بنعمة الله ضال، تنطق بالكذب وتقاتل على ضلالة، وتشترى العقاب بالمغفرة والضلالة بالهدى، انظر (4) إلى وجوهنا ووجوهكم وسيمانا وسيماكم، واسمع دعوتنا ودعوتكم، فليس أحد منا إلا وهو أولى بالحق وبمحمد، وأقرب إليه منكم. فقال أبو الأعور: لقد أكثرت الكلام، وذهب النهار، ويحك! ادع أصحابك وأدعو أصحابي وليأت أصحابك في قلة إن شاءوا أو كثرة، فإني أجئ من أصحابي بعدتهم (5)، [فإن شاء أصحابك فليقلوا،

(1) تكملة من كتاب صفين.
(2) كذا في د، وفي ب: " يوافقك ".
(3) صفين: " وأقاتل أهل الضلال ".
(4) صفين: " انظروا... واسمعوا... ".
(5) صفين: " بعددهم ". وفي ب: " بعدة ".
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303