فقال عمار: صدق، وليضرنه ما سمع ولا ينفعه. قال أبو نوح: فإنه يريد أن يلقاك، فقال عمار لأصحابه: اركبوا، فركبوا وساروا. قال: فبعثنا إليهم فارسا من عبد القيس يسمى عوف بن بشر فذهب، حتى إذا كان قريبا منهم، نادى: أين عمرو بن العاص؟ قالوا: هاهنا فأخبره بمكان عمار وخيله، قال عمرو: قل له: فليسر إلينا، قال عوف: إنه يخاف غدارتك وفجراتك، قال عمرو: ما أجرأك على وأنت على هذه الحال؟ قال عوف: جرأني عليك بصري فيك وفي أصحابك، وإن شئت نابذتك الان سواء [وإن شئت التقيت أنت وخصماؤك، وأنت كنت غادرا] (1). فقال عمرو: إنك لسفيه، وإني باعث إليك رجلا من أصحابي يواقفك (2)، قال ابعث من شئت، فلست بالمستوحش، وإنك لا تبعث إلا شقيا، فرجع عمرو وأنفذ إليه أبا الأعور، فلما تواقفا تعارفا، فقال عوف: إني لأعرف الجسد وأنكر القلب، وإني لا أراك مؤمنا ولا أراك إلا من أهل النار. قال أبو الأعور: يا هذا، لقد أعطيت لسانا يكبك الله به على وجهك في النار، قال عوف: كلا والله إني لأتكلم بالحق وتتكلم بالباطل، وإني أدعوك إلى الهدى وأقاتلك على الضلال (3) وأفر من النار، وأنت بنعمة الله ضال، تنطق بالكذب وتقاتل على ضلالة، وتشترى العقاب بالمغفرة والضلالة بالهدى، انظر (4) إلى وجوهنا ووجوهكم وسيمانا وسيماكم، واسمع دعوتنا ودعوتكم، فليس أحد منا إلا وهو أولى بالحق وبمحمد، وأقرب إليه منكم. فقال أبو الأعور: لقد أكثرت الكلام، وذهب النهار، ويحك! ادع أصحابك وأدعو أصحابي وليأت أصحابك في قلة إن شاءوا أو كثرة، فإني أجئ من أصحابي بعدتهم (5)، [فإن شاء أصحابك فليقلوا،
(٢٠)