شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٣٠
وكتب آثارهم، وأحصى أعمالهم، وقضى آجالهم، فدعاه الله ربه فاستجاب لامره (1)، وسلم لامره، وجاهد في طاعة ابن عم رسوله. أول من آمن به، وأفقههم في دين الله، الشديد على أعداء الله، المستحلين حرم الله، الذين عملوا في البلاد بالجور والفساد، واستحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، وزين لهم الاثم والعدوان، فحق عليكم جهاد من خالف الله، وعطل حدوده، ونابذ أولياءه. جودوا بمهجكم في طاعة الله في هذه الدنيا، تصيبوا الآخرة والمنزل الأعلى، والأبد الذي لا يفنى. فوالله لو لم يكن ثواب ولا عقاب، ولا جنة ولا نار، لكان القتال مع علي أفضل من القتال مع معاوية، فكيف وأنتم ترجون ما ترجون!
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، قال: لما انقضى أمر صفين، وسلم الحسن عليه السلام الامر إلى معاوية، ووفدت عليه الوفود، أشخص عبد الله بن هاشم إليه أسيرا، فلما مثل بين يديه، وعنده عمرو بن العاص، قال: يا أمير المؤمنين، هذا المختال ابن المرقال، فدونك الضب المضب (2) المغر المفتون فاقتله، فان العصا من العصية وإنما تلد الحية حيية، وجزاء السيئة سيئة مثلها.
فقال عبد الله: إن تقتلني فما أنا بأول رجل خذله قومه، وأسلمه يومه. فقال عمرو:
يا أمير المؤمنين أمكني منه أشخب أوداجه على أثباجه. فقال عبد الله: فهلا كانت هذه الشجاعة منك يا بن العاص في أيام صفين، ونحن ندعوك إلى النزال، وقد ابتلت أقدام الرجال من نقيع الجريال (3)، وقد تضايقت بك المسالك، وأشرفت منها على المهالك!
وأيم الله لولا مكانك منه لرميتك بأحد من وقع الأشافي (4) فإنك لا تزال تكثر في

(1) د " له ".
(2) المضب: الملازم.
(3) الجريال: صبغ أحمر، ويريد به الدم.
(4) الأشافي: جمع أشفى، وهو مخصف الإسكاف.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303