وكتب آثارهم، وأحصى أعمالهم، وقضى آجالهم، فدعاه الله ربه فاستجاب لامره (1)، وسلم لامره، وجاهد في طاعة ابن عم رسوله. أول من آمن به، وأفقههم في دين الله، الشديد على أعداء الله، المستحلين حرم الله، الذين عملوا في البلاد بالجور والفساد، واستحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، وزين لهم الاثم والعدوان، فحق عليكم جهاد من خالف الله، وعطل حدوده، ونابذ أولياءه. جودوا بمهجكم في طاعة الله في هذه الدنيا، تصيبوا الآخرة والمنزل الأعلى، والأبد الذي لا يفنى. فوالله لو لم يكن ثواب ولا عقاب، ولا جنة ولا نار، لكان القتال مع علي أفضل من القتال مع معاوية، فكيف وأنتم ترجون ما ترجون!
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، قال: لما انقضى أمر صفين، وسلم الحسن عليه السلام الامر إلى معاوية، ووفدت عليه الوفود، أشخص عبد الله بن هاشم إليه أسيرا، فلما مثل بين يديه، وعنده عمرو بن العاص، قال: يا أمير المؤمنين، هذا المختال ابن المرقال، فدونك الضب المضب (2) المغر المفتون فاقتله، فان العصا من العصية وإنما تلد الحية حيية، وجزاء السيئة سيئة مثلها.
فقال عبد الله: إن تقتلني فما أنا بأول رجل خذله قومه، وأسلمه يومه. فقال عمرو:
يا أمير المؤمنين أمكني منه أشخب أوداجه على أثباجه. فقال عبد الله: فهلا كانت هذه الشجاعة منك يا بن العاص في أيام صفين، ونحن ندعوك إلى النزال، وقد ابتلت أقدام الرجال من نقيع الجريال (3)، وقد تضايقت بك المسالك، وأشرفت منها على المهالك!
وأيم الله لولا مكانك منه لرميتك بأحد من وقع الأشافي (4) فإنك لا تزال تكثر في