وذمة ذي الكلاع، حتى ترجع إلى خيلك، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم تمارينا فيه. فسار أبو نوح، وسار ذو الكلاع، فقال له: إنما دعوتك أحدثك حديثا حدثناه عمرو بن العاص قديما في خلافة (1) عمر بن الخطاب، ثم أذكرناه الان به فأعاده. إنه يزعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه قال: " يلتقي أهل الشام وأهل العراق، وفي إحدى الكتيبتين الحق، وإمام الهدى ومعه عمار بن ياسر ". فقال أبو نوح: نعم (2) والله إنه لفينا. قال: نشدتك الله أجاد هو (3) على قتالنا؟ قال أبو نوح: نعم ورب الكعبة، لهو أشد على قتالكم منى، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته وبدأت بك قبلهم وأنت ابن عمى (4). قال ذو الكلاع: ويلك! علام تمنى ذلك منا! فوالله ما قطعتك فيما بيني وبينك قط، وإن رحمك لقريبة، وما يسرني أن أقتلك. قال أبو نوح إن الله قطع بالاسلام أرحاما قريبة، ووصل به أرحاما متباعدة، وإني قاتلك وأصحابك، لأنا على الحق وأنتم على الباطل. قال ذو الكلاع: فهل تستطيع أن تأتى معي صف أهل الشام فأنا لك جار منهم، حتى تلقى عمرو بن العاص، فتخبره بحال عمار وجده في قتالنا لعله أن يكون صلح بين هذين الجندين!
- قلت: وا عجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار، ولا يعتريهم الشك لمكان علي عليه السلام! ويستدلون على أن الحق مع أهل العراق بكون عمار بين أظهرهم، ولا يعبؤون بمكان علي عليه السلام! ويحذرون من قول النبي صلى الله عليه سلم:
" تقتلك الفئة الباغية " ويرتاعون لذلك، ولا يرتاعون لقوله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "، ولا لقوله: " لا يحبك إلا مؤمن