صلحاء الصحابة بل خمسون فوجب، أن تصح خلافته، وإذا صحت خلافته نفذت أحكامه، ولم يجب عليه أن يقيد بعثمان، إلا إن حضر أولياؤه عنده، طائعين له مبايعين، ملتزمين لأحكامه، ثم بعد ذلك يطلبون القصاص من أقوام بأعيانهم يدعون، عليهم دم المقتول، فقد ثبت أن الكتاب لو تؤمل حق التأمل لكان الحق مع أهل العراق، ولم يكن لأهل الشام من الشبهة ما يقدح في استنباطهم المذكور.
ثم قال عليه السلام: فأما ضربي للأجل في التحكيم فإنما فعلته لان الأناة والتثبت من الأمور المحمودة أما الجاهل فيعلم فيه ما جهله، وأما العالم فيثبت فيه على ما علمه، فرجوت أن يصلح الله في ذلك الاجل أمر هذه الأمة المفتونة.
ولا تؤخذ بأكظامها: جمع كظم، وهو مخرج النفس، يقول كرهت أن أعجل القوم عن التبين والاهتداء، فيكون إرهاقي لهم، وتركي للتنفيس عن خناقهم، وعدولي عن ضرب الاجل بيني وبينهم، أدعى إلى استفسادهم، وأحرى أن يركبوا غيهم وضلالهم، ولا يقلعوا عن القبيح الصادر عنهم. ثم قال: أفضل الناس من آثر الحق وإن كرثه - أي اشتد عليه، وبلغ منه المشقة.
ويجوز " أكرثه " بالألف - على الباطل وإن انتفع به وأورثه زيادة.
ثم قال: " فأين يتاه بكم؟ " أي أين تذهبون في التيه؟ يعنى في الحيرة. وروي:
" فأني يتاه بكم؟ ".
ومن أين أتيتم؟ أي كيف دخل عليكم الشيطان أو الشبهة، ومن أي المداخل دخل اللبس عليكم!
ثم أمرهم بالاستعداد للمسير إلى حرب أهل الشام، وذكر أنهم موزعون بالجور،