يا أهل الكوفة، منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمى ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء.
تربت أيديكم! يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها! كلما جمعت من جانب تفرقت من آخر.
والله لكأني بكم فيما إخالكم ألو حمس الوغى، وحمى الضراب، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها. وإني لعلى بينة من ربى، ومنهاج من نبيي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا.
* * * الشرح:
أمهله: أخره، وأخذه فاعل، والمفعول محذوف تقديره: " فلن يفوته ". والمرصاد:
الطريق، وهي من ألفاظ الكتاب العزيز.
ومجاز طريقه: مسلكه وموضع جوازه. والشجا: ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره، وموضع الشجا: هو الحلق نفسه. ومساغ ريقه: موضع الإساغة، أسغت الشراب: أوصلته إلى المعدة. ويجوز: سغت الشراب أسوغه وأسيغه، وساغ الشراب نفسه يسوغ سوغا، أي سهل مدخله في الحلق، يتعدى ولا يتعدى. وهذا الكلام من باب التوسع والمجاز، لان الله تعالى لا يجوز عليه الحصول في الجهات، ولكنه كقوله تعالى: ﴿وهو معكم أينما كنتم﴾ (1). وقوله: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (2).