(93) ومن خطبة له عليه السلام:
الأصل:
فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله حدس الفطن، الأول الذي لا غاية له فينتهي، ولا آخر له فينقضي.
* * * الشرح:
البركة: كثرة الخير وزيادته، وتبارك الله منه، وبركت، أي دعوت بالبركة، وطعام بريك أي مبارك. يقال: بارك الله لزيد وفي زيد وعلى زيد، وبارك الله زيدا، يتعدى بنفسه، ومنه قوله تعالى: (أن بورك من في النار). ويحتمل " تبارك الله " معنيين:
أحدهما أن يراد: تبارك خيره وزادت نعمته وإحسانه، وهذا دعاء. وثانيهما أن يراد (1) به:
تزايد وتعالى في ذاته وصفاته عن أن يقاس به غيره، وهذا تمجيد.
قوله عليه السلام: " لا يبلغه بعد الهمم " أي بعد الأفكار والانظار، عبر عنها بالهمم لمشابهتها إياها. وحدس الفطن: ظنها وتخمينها، حدست أحدس، بالكسر.
ويسأل عن قوله: " لا غاية له فينتهي، ولا آخر له فينقضي " فيقال: إنما تدخل الفاء فيما إذا كان الثاني غير الأول، وكقولهم: ما تأتينا فتحدثنا، وليس الثاني هاهنا غير الأول، لان الانقضاء هو الآخرية بعينها، فكأنه قال: لا آخر له، فيكون له آخر، وهذا لغو، وكذلك القول اللفظة في الأولى.
وينبغي أن يقال في الجواب: إن المراد: لا آخر له بالامكان والقوة فينقضي بالفعل فيما