فأيام الهموم مقصصات * وأيام السرور تطير طيرا وقال أبو تمام:
ثم انبرت أيام هجر أردفت * بجوى أسى فكأنها أعوام (1) قوله عليه السلام: " إن الفتن إذا أقبلت شبهت "، معناه أن الفتن عند إقبالها وابتداء حدوثها، يلتبس أمرها ولا يعلم الحق منها من الباطل، إلى أن تنقضي وتدبر، فحينئذ ينكشف حالها، ويعلم ما كان مشتبها منها. ثم أكد عليه السلام هذا المعنى بقوله:
" ينكرن مقبلات، ويعرفن مدبرات "، ومثال ذلك فتنة الجمل، وفتنة الخوارج، كان كثير من الناس فيها في مبدأ الامر متوقفين، واشتبه عليهم الحال، ولم يعلموا موضع الحق إلى أن انقضت الفتنة، ووضعت الحرب أوزارها، وبان لهم صاحب الضلالة من صاحب الهداية.
ثم وصف الفتن، فقال: إنها تحوم حوم الرياح، يصبن بلدا، ويخطئن بلدا. حام الطائر وغيره حول الشئ، يحوم حوما وحومانا، أي دار.
ثم ذكر أن أخوف ما يخاف عليهم فتنة بنى أمية. ومعنى قوله " عمت خطتها، وخصت بليتها "، أنها عمت الناس كافة من حيث كانت رياسة شاملة لكل أحد، ولكن حظ أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من بليتها أعظم، ونصيبهم فيها أوفر.
ومعنى قوله: " وأصاب البلاء من أبصر فيها، وأخطأ البلاء من عمى عنها "، أن العالم بارتكابهم المنكر مأثوم إذ لم ينكر، والجاهل بذلك لا إثم عليه إذا لم ينههم عن المنكر، لان من لا يعلم المنكر منكرا لا يلزمه إنكاره، ولا يعنى بالمنكر هاهنا