والزهيد: القليل، والعتيد: الحاضر. والسير: سير المسافر.
ثم أمرهم بأن يجعلوا الفرائض الواجبة عليهم من جملة مطلوباتهم، وأن يسألوا الله من الإعانة والتوفيق على القيام بحقوقه الواجبة. كما سألهم، أي كما ألزمهم وافترض عليهم، فسمى ذلك سؤالا لأجل المقابلة بين اللفظين، كما قال سبحانه: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾ (1)، وكما قال النبي صلى الله عليه وآله: " فإن الله لا يمل حتى تملوا " وكما قال الشاعر:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا (2) ثم أمرهم أن يسمعوا أنفسهم دعوة الموت قبل أن يحضر الموت، فيحل بهم. ومثل قوله: " تبكي قلوبهم وإن ضحكوا " قول الشاعر، وإن لم يكن هذا المقصد بعينه قصد:
كم فاقة مستورة بمروءة * وضرورة قد غطيت بتجمل ومن ابتسام تحته قلب شج * قد خامرته لوعة ما تنجلي.
والمقت: البغض: واغتبطوا: فرحوا.
وقوله: " أملك بكم " مثل " أولى بكم ". وقوله: " والعاجلة أذهب بكم من الآجلة " أي ذهبت العاجلة بكم واستولت عليكم أكثر مما ذهبت بكم الآخرة، واستولت عليكم.
ثم ذكر أن الناس كلهم مخلوقون على فطرة واحدة، وهي دين الله وتوحيده، وإنما اختلفوا وتفرقوا باعتبار أمر خارجي عن ذلك، وهو خبث سرائرهم وسوء ضمائرهم، فصاروا إلى حال لا يتوازرون، أي لا يتعاونون، والأصل الهمز، آزرته، ثم تقلب الهمزة واوا، وأصل قوله: " فلا توازرون " فلا تتوازرون " فحذفت إحدى التاءين، كقوله تعالى: (ما لكم لا تناصرون) (3)، أي لا تتناصرون، والتبادل: أن يجود بعضهم على بعض بماله ويبذله له.