قوله: " وحري "، أي جدير وخليق، يقال: بالحري أن يكون هذا الامر كذا، وهذا الامر محراة لذلك، أي مقمنة، مثل محجاة، وما أحراه مثل ما أحجاه، وأحر به، مثل أحج به، وتقول: هو حرى أن يفعل ذلك بالفتح، أي جدير وقمين، لا يثنى ولا يجمع، قال الشاعر:
وهن حرى ألا يثبنك نقرة * وأنت حرى بالنار حين تثيب (1) فإذا قلت: هو حر بكسر الراء، وحري بتشديدها على " فعيل " ثنيت وجمعت، فقلت:
هما حريان وحريان، وحرون مثل عمون، وأحراء أيضا، وفي المشدد حريون وأحرياء، وهي حرية وحرية، وهن حريات وحريات وحرايا.
فإن قلت: فهلا قال: " وحرية إذا أصبحت "، لأنه يخبر عن الدنيا!
قلت: أراد شأنها، فذكر، أي وشأنها خليق أن يفعل كذا.
واعذوذب: صار عذبا. واحلولى: صار حلوا، ومن هاهنا أخذ الشاعر قوله:
ألا إنما الدنيا غضارة أيكة * إذا اخضر منها جانب جف جانب فلا تكتحل عيناك منها بعبرة * على ذاهب منها فإنك ذاهب.
وارتفع " جانب " المذكور بعد " إن " لأنه فاعل فعل مقدر يفسره الظاهر، أي وإن اعذوذب جانب منها، لان " إن " تقتضي الفعل وتطلبه فهي: ك " إذا " في قوله تعالى: (إذا السماء انشقت) (2).
وأمر الشئ، أي صار مرا. وأوبى: صار وبيا، ولين الهمز، لأجل السجع.
والرغب: مصدر رغبت في الامر رغبة ورغبا، أي أردته.
يقول: لا ينال الانسان منها إرادته إلا أرهقته تعبا، يقال: أرهقه إثما، أي حمله، وكلفه.