بنا أنت من مجفوة لم تؤنب * ومهجورة في هجرها لم تعتب (1) ونازحة والدار منها قريبة * وما قرب ثاو في التراب مغيب!
وقد قال الشعراء والخطباء في هذا المعنى كثيرا، فمن ذلك قول الرضى أبى الحسن رحمه الله في مرثيته لأبي إسحاق الصابي:
أعزز على بأن نزلت بمنزل * متشابه الأمجاد بالأوغاد (2) في عصبة جنبوا إلى آجالهم * والدهر يعجلهم عن الإرواد ضربوا بمدرجة الفناء قبابهم * من غير أطناب ولا أوتاد ركب أناخوا لا يرجى منهم * قصد لاتهام ولا إنجاد كرهوا النزول فأنزلتهم وقعة * للدهر نازلة بكل مقاد فتهافتوا عن رحل كل مذلل * وتطاوحوا عن سرج كل جواد بأدون في صور الجميع وإنهم * متفردون تفرد الآحاد فقوله: " بأدون في صور الجمع... " البيت، هو قوله عليه السلام: " جمع وهم آحاد " بعينه.
وقال الرضى رحمه الله تعالى أيضا:
متوسدين على الخدود كأنما * كرعوا على ظمأ من الصهباء (3) صور ضننت على العيون بحسنها * أمسيت أوقرها من البوغاء (4) ونواظر كحل التراب جفونها * قد كنت أحرسها من الأقذاء قربت ضرائحهم على زوارها * ونأوا عن الطلاب أي تناء (5)