أثوى وقصر ليله ليزودا * فمضت وأخلف من قتيلة موعدا (١) والمترف: الذي قد أترفته النعمة، أي أطغته، يقول عليه السلام: لا يعود على الناس ما أدبر وتولى عنهم من أحوالهم الماضية، كالشباب والقوة، ولا يعلم حال المستقبل من صحة أو مرض، أو حياة أو موت لينتظر، وينظر إلى هذا المعنى قول الشاعر:
وأضيع العمر لا الماضي انتفعت به * ولا حصلت على علم من الباقي.
ومشوب: مخلوط. شبته أشوبه فهو مشوب، وجاء " مشيب " في قول الشاعر:
* وماء قدور في القصاع مشيب * فبناه على " شيب " لم يسم فاعله، وفي المثل: " هو يشوب ويروب "، يضرب لمن يخلط في القول أو العمل.
والجلد: الصلابة والقوة. والوهن: الضعف نفسه، وإنما عطف للتأكيد، كقوله تعالى:
﴿لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا﴾ (2) وقوله: (لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب) (3).
ثم نهى عن الاغترار بكثرة العجب من الدنيا، وعلل حسن هذا النهى، وقبح الاغترار بما نشاهده عيانا من قلة ما يصحب مفارقيها منها. وقال الشاعر:
فما تزود مما كان يجمعه * إلا حنوطا غداة البين في خرق وغير نفحة أعواد شببن له * وقل ذلك من زاد لمنطلق ثم جعل التفكر علة الاعتبار، وجعل الاعتبار علة الابصار، وهذا حق، لان الفكر يوجب الاتعاظ، والاتعاظ يوجب الكشف، والمشاهدة بالبصيرة التي نورها الاتعاظ.