فوالله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله أحب إلى أن أصلها من قرابتي، وإني والله ما آلوكم من هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم إلا الخير، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا نورث ما تركناه صدقة، وإنما يأكل آل محمد في هذا المال)، وإني والله لا أترك أمرا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صنعته إن شاء الله، قال على: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر، أقبل على الناس ثم عذر عليا (1) ببعض ما اعتذر به، ثم قام على فعظم من حق أبى بكر، وذكر فضله وسابقته، ثم مضى إلى أبى بكر فبايعه، فأقبل الناس إلى علي، فقالوا: أصبت وأحسنت، وكان على قريبا إلى الناس حين قارب الامر بالمعروف.
* * * وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز، قال: حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال، حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبى بكر بغير مشورة، وغضب على والزبير، فدخلا بيت فاطمة، معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن قريش، وهما من بنى عبد الأشهل، فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة وناشدتهما الله، فأخذوا سيفيهما، فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما، فأخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا.
ثم قام أبو بكر، فخطب الناس، فاعتذر إليهم، وقال: أن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها، وخشيت الفتنة، وأيم الله ما حرصت عليها يوما قط، ولا سألتها الله في سر ولا علانية قط، ولقد قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة ولا يدان، ولقد وددت أن أقوى الناس عليه مكاني.