ومعه جارية سوداء، وصحيفة، فقال: أفيكم كاتب؟ قلنا: نعم، وحضر غداؤنا، فقلنا له لو دخلت فأصبت من طعامنا! قال: إني صائم، قلنا: الحر وشدته، جفاء البادية، فقال:
إن الدنيا كانت ولم أكن فيها، وستكون ولا أكون فيها، وما أحب أن أغبن أمامي، ثم نبذ إلينا الصحيفة، فقال للكاتب: اكتب ولا تزد على ما أمليه عليك: هذا ما أعتق عبد الله بن عقيل الكلبي، أعتق جارية له سوداء اسمها لؤلؤة، ابتغاء وجه الله وجواز العقبة، وإنه لا سبيل له عليها إلا سبيل الولاء، والمنة لله علينا وعليها واحده.
قال الأصمعي: فحدث بذلك الرشيد، فأمر أن يعتق عنه ألف نسمة، ويكتب لهم هذا الكتاب.
وقال خالد بن صفوان، بت ليلتي هذه أتمنى، فكبست البحر الأخضر بالذهب الأحمر، فإذا الذي يلقاني من ذلك رغيفان وكوزان وطمران (١).
ورأي رجل رجلا من ولد معاوية يعمل على بعير له، فقال: هذا بعد ما كنتم فيه من الدنيا! قال: رحمك الله يا بن أخي، ما فقدنا إلا الفضول.
وقال الحسن: يا بن آدم، إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك.
قال يونس الكاتب: لو قيل بيت دريد في زاهد كان به جديرا:
قليل التشكي للمصيبات ذاكر * من اليوم أعقاب الأحاديث في غد (٢) وقال الحسن: ما أطال عبد الامل إلا أساء العمل.
وقال رجل للفضيل بن عياض: ما أعجب الأشياء؟ قال: قلب عرف الله ثم عصاه.
قال وكيع: ما أحسنت قط إلى أحد، ولا أسأت إليه، قيل: كيف؟ قال: لان الله تعالى قال: ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها﴾ (3).