وهذه الآية من الآيات التي نزل فيها القرآن بموافقة علي عليه السلام، كما نزل في مواضع بموافقة عمر، وسماه الله تعالى فاسقا في آية أخرى، وهو قوله تعالى: ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا﴾ (1)، وسبب نزولها مشهور، وهو كذبه على بنى المصطلق، وادعاؤه أنهم منعوا الزكاة وشهروا السيف، حتى أمر النبي صلى الله عليه وآله بالتجهز (2) للمسير إليهم، فأنزل الله تعالى في تكذيبه وبراءة ساحة القوم هذه الآية (3).
وكان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله صلى الله عليه وآله يشنؤه ويعرض عنه، وكان الوليد يبغض رسول الله صلى الله عليه وآله أيضا ويشنؤه، وأبوه عقبة بن أبي معيط هو العدو الأزرق بمكة، والذي كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه وأهله، وأخباره في ذلك مشهورة، فلما ظفر به يوم بدر ضرب عنقه. وورث ابنه الوليد الشنآن والبغضة (4) لمحمد وأهله فلم يزل عليهما إلى أن مات.
قال الشيخ أبو القاسم: وهو أحد الصبية الذين قال أبو عقبة فيهم، وقد قدم ليضرب عنقه: من للصبية يا محمد؟ فقال: (النار، اضربوا عنقه).
قال: وللوليد شعر يقصد فيه الرد على رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال:
(إن تولوها عليا، تجدوه هاديا مهديا). قال: وذلك أن عليا عليه السلام لما قتل قصد بنوه أن يخفوا قبره خوفا من بنى أمية أن يحدثوا في قبره حدثا، فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة - وهي ليلة دفنه - إيهامات مختلفة، فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال، يفوح منه روائح الكافور، وأخرجوه من الكوفة في سواد الليل صحبة ثقاتهم، يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليها السلام، وأخرجوا بغلا وعليه جنازة (5) مغطاة،