وروى عمر بن شبه وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السير، أنه مكث أيام ادعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:
لا يمنعني من ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها.
وفي رواية محمد بن حبيب وأبى عبيدة معمر بن المثنى: أن له أهيل سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره.
وروى سعيد بن جبير أن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن عباس: ما حديث أسمعه عنك؟ قال: وما هو؟ قال: تأنيبي وذمي! فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بئس المرء المسلم يشبع ويجوع جاره)، فقال ابن الزبير: إني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة. وذكر تمام الحديث.
وروى عمر بن شبة أيضا عن سعيد بن جبير، قال: خطب عبد الله بن الزبير، فنال من علي عليه السلام، فبلغ ذلك محمد بن الحنفية، فجاء إليه وهو يخطب، فوضع له كرسي، فقطع عليه خطبته، وقال: يا معشر العرب، شاهت الوجوه! أينتقص على وأنتم حضور!
إن عليا كان يد الله على أعداء الله، وصاعقة من أمره أرسله على الكافرين والجاحدين لحقه، فقتلهم بكفرهم فشنئوه وأبغضوه، وأضمروا له الشنف (1) والحسد، وابن عمه صلى الله عليه وسلم حي بعد لم يمت، فلما نقله الله إلى جواره، وأحب له ما عنده، أظهرت له رجال أحقادها، وشفت أضغانها، فمنهم من ابتز حقه، ومنهم من ائتمر به ليقتله، ومنهم من شتمه وقذفه بالأباطيل، فإن يكن لذريته وناصري دعوته دولة تنشر عظامهم، وتحفر على أجسادهم، والأبدان منهم يومئذ بالية، بعد أن تقتل الاحياء منهم، وتذل رقابهم، فيكون الله عز اسمه قد عذبهم بأيدينا وأخزاهم، ونصرنا عليهم، وشفا صدورنا منهم، إنه والله ما يشتم عليا إلا كافر يسر شتم رسول الله صلى الله عليه وآله ويخاف أن يبوح به،