وغيرتها من تعريض بنى المغيرة له بنكاح عقيلتهم، إذا قويس إلى هذه الأحوال وغيرها مما كان يجرى إلا كنسبة التأفيف (1) إلى حرب البسوس! ولكن صاحب الهوى والعصبية لا علاج له.
* * * ثم نعود إلى حكاية كلام شيخنا أبى جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى. قال أبو جعفر:
وروى الأعمش، قال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب صلعته مرارا، وقال: يا أهل العراق، أتزعمون أنى أكذب على الله وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار!
والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (إن لكل نبي حرما، وإن حرمي بالمدينة، ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)، وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها: فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة.
قلت: أما قوله: (ما بين عير إلى ثور (2))، فالظاهر أنه غلط من الراوي، لان ثورا بمكة وهو جبل يقال له: ثور أطحل، وفيه الغار الذي دخله النبي صلى الله عليه وآله وأبو بكر، وإنما قيل: (أطحل) لان أطحل بن عبد مناف بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار ابن عدنان كان يسكنه. وقيل: اسم الجبل أطحل، فأضيف (ثور) إليه، وهو ثور بن عبد مناف، والصواب: (ما بين عير إلى أحد) (3).
فأما قول أبي هريرة: (إن عليا عليه السلام أحدث في المدينة)، فحاش لله! كان علي عليه السلام أتقى لله من ذلك، والله لقد نصر عثمان نصرا لو كان المحصور جعفر بن أبي طالب لم يبذل له إلا مثله.
قال أبو جعفر: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضى الرواية، ضربه عمر