شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٦٦
الأمة مجمعة على أنه لو نكح ابنة أبى جهل، مضافا إلى نكاح فاطمة عليها السلام لجاز.
لأنه داخل تحت عموم الآية المبيحة للنساء الأربع، فابنة أبى جهل المشار إليها كانت مسلمة، لأن هذه القصة كانت بعد فتح مكة، وإسلام أهلها طوعا وكرها، ورواة الخبر موافقون على ذلك، فلم يبق إلا أنه إن كان هذا الخبر صحيحا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رأى فاطمة عليها السلام قد غارت، وأدركها ما يدرك النساء، عاتب عليا عليه السلام عتاب الأهل، وكما يستثبت الوالد رأى الولد، ويستعطفه إلى رضا أهله وصلح زوجته. ولعل الواقع كان بعض هذا الكلام فحرف وزيد فيه. ولو تأملت أحوال النبي صلى الله عليه وآله مع زوجاته، وما كان يجرى بينه وبينهن من الغضب تارة، والصلح أخرى، والسخط تارة والرضا أخرى، حتى بلغ الامر إلى الطلاق مرة، وإلى الايلاء مرة، وإلى الهجر والقطيعة مرة، وتدبرت ما ورد في الروايات الصحيحة مما كن يلقينه عليه السلام به، ويسمعنه إياه، لعلمت أن الذي عاب الحسدة والشائنون عليا عليه السلام به بالنسبة إلى تلك الأحوال قطرة من البحر المحيط، ولو لم يكن إلا قصة مارية وما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين تينك الامرأتين من الأحوال والأقوال، حتى أنزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب، ويكتب في المصاحف، وقيل لهما ما لا يقال للإسكندر ملك الدنيا لو كان حيا، منابذا الرسول الله صلى الله عليه وآله: ﴿وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ (1)، ثم أردف بعد ذلك بالوعيد والتخويف: (عسى ربه إن طلقكن...) (1) الآيات بتمامها. ثم ضرب لهما مثلا امرأة نوح وامرأة لوط اللتين خانتا بعليهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، وتمام الآية معلوم. فهل ما روى في الخبر من تعصب فاطمة على علي عليه السلام

(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232