الأمة مجمعة على أنه لو نكح ابنة أبى جهل، مضافا إلى نكاح فاطمة عليها السلام لجاز.
لأنه داخل تحت عموم الآية المبيحة للنساء الأربع، فابنة أبى جهل المشار إليها كانت مسلمة، لأن هذه القصة كانت بعد فتح مكة، وإسلام أهلها طوعا وكرها، ورواة الخبر موافقون على ذلك، فلم يبق إلا أنه إن كان هذا الخبر صحيحا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رأى فاطمة عليها السلام قد غارت، وأدركها ما يدرك النساء، عاتب عليا عليه السلام عتاب الأهل، وكما يستثبت الوالد رأى الولد، ويستعطفه إلى رضا أهله وصلح زوجته. ولعل الواقع كان بعض هذا الكلام فحرف وزيد فيه. ولو تأملت أحوال النبي صلى الله عليه وآله مع زوجاته، وما كان يجرى بينه وبينهن من الغضب تارة، والصلح أخرى، والسخط تارة والرضا أخرى، حتى بلغ الامر إلى الطلاق مرة، وإلى الايلاء مرة، وإلى الهجر والقطيعة مرة، وتدبرت ما ورد في الروايات الصحيحة مما كن يلقينه عليه السلام به، ويسمعنه إياه، لعلمت أن الذي عاب الحسدة والشائنون عليا عليه السلام به بالنسبة إلى تلك الأحوال قطرة من البحر المحيط، ولو لم يكن إلا قصة مارية وما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين تينك الامرأتين من الأحوال والأقوال، حتى أنزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب، ويكتب في المصاحف، وقيل لهما ما لا يقال للإسكندر ملك الدنيا لو كان حيا، منابذا الرسول الله صلى الله عليه وآله: ﴿وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ (1)، ثم أردف بعد ذلك بالوعيد والتخويف: (عسى ربه إن طلقكن...) (1) الآيات بتمامها. ثم ضرب لهما مثلا امرأة نوح وامرأة لوط اللتين خانتا بعليهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، وتمام الآية معلوم. فهل ما روى في الخبر من تعصب فاطمة على علي عليه السلام