شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١١٥
عليه السلام هي السنة التي بدئ فيها برسالة رسول الله صلى الله عليه وآله، فأسمع الهتاف من الأحجار والأشجار، وكشف عن بصره، فشاهد أنوارا وأشخاصا، ولم يخاطب فيها (1) بشئ. وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل والانقطاع والعزلة في جبل حراء، فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة، وأنزل عليه الوحي، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتيمن بتلك السنة وبولادة علي عليه السلام فيها، ويسميها سنة الخير وسنة البركة، وقال لأهله ليلة ولادته، وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الإلهية، ولم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئا: (لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبوابا كثيرة من النعمة والرحمة)، وكان كما قال صلوات الله عليه، فإنه عليه السلام كان ناصره والمحامي عنه وكاشف الغماء (2) عن وجهه، وبسيفه ثبت دين الاسلام، ورست دعائمه، وتمهدت قواعده عليه السلام.
وفي المسألة تفسير آخر، وهو أن يعنى بقوله عليه السلام: (فإني ولدت على الفطرة)، أي على الفطرة التي لم تتغير ولم تحل، وذلك أن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: (كل مولود يولد على الفطرة) أن كل مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه وبصحة الحواس والمشاعر لان يعلم التوحيد والعدل، ولم يجعل فيه مانعا يمنعه عن ذلك، ولكن التربية والعقيدة في الوالدين والألف لاعتقادهما وحسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه، وأمير المؤمنين عليه السلام دون غيره، ولد على الفطرة التي لم تحل ولم يصد عن مقتضاها مانع، لا من جانب الأبوين ولا من جهة غيرهما، وغيره ولد على الفطرة، ولكنه حال عن مقتضاها، وزال عن موجبها.
ويمكن أن يفسر بأنه عليه السلام أراد بالفطرة العصمة، وأنه منذ ولد لم يواقع قبيحا،

(1) ج: (منها).
(2) ج: (الغم).
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232