لعمرك لا ألفي مدى الدهر خالعا * عليا بقول الأشعري ولا عمرو فإن يحكما بالحق نقبله منهما * والا أثرناها كراغية البكر (1) ولسنا نقول الدهر ذاك إليهما، وفى ذاك لو قلناه قاصمة الظهر ولكن نقول الأمر والنهي كله * إليه، وفى كفيه عاقبه الامر وما اليوم إلا مثل أمس وإننا * لفي وشل الضحضاح أو لجه البحر (2).
قال فلما سمع الناس قول الصلتان شحذهم ذلك على لابن أبي موسى، واستبطاه القوم وظنوا به الظنون ومكث الرجلان بدومة الجندل لا يقولان شيئا. وكان سعد بن أبي وقاص قد اعتزل عليا ومعاوية ونزل على ماء لبني سليم بأرض البادية يتشوف (3) الاخبار، وكان رجلا له بأس ورأي ومكان في قريش ولم يكن له هوى في علي ولا في معاوية، فأقبل راكب يوضع (4) من بعيد فإذا هو ابنه عمر فقال له أبوه مهيم (5)! فقال التقى الناس بصفين فكان بينهم ما قد بلغك حتى تفانوا ثم حكموا عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص وقد حضر ناس من قريش عندهما، وأنت من أصحاب رسول الله (ص) ومن أهل الشورى، ومن قال له النبي (ص):
(اتقوا دعوته)، ولم تدخل في شئ مما تكره الأمة، فاحضر دومة الجندل فإنك صاحبها غدا فقال: مهلا يا عمر، إني سمعت رسول الله (ص) يقول: (تكون بعدي فتنة خير الناس فيها التقى الخفي) وهذا أمر لم أشهد أوله فلا اشهد آخره،