عنك لذته غدا وتبقى تبعته عليك؟! تكون فيه قليلا وترتهن فيه كثيرا طويلا؟!
قال: فبكى وقال له: أين المهرب؟ قال: إلى أحد أمرين: إما أن تقيم فتعمل بطاعة ربك، وإما أن تلقي عليك أمساحا هو، ثم تلحق بجبل وتفر من الناس وتقيم وحدك وتعبد ربك حتى يأتيك أجلك.
قال: فإذا فعلت ذلك فما لي؟ فقال: حياة لا تموت: وشباب لا يهرم، وصحة لا تسقم، وملك جديد لا يبلى. فقال له: أيها الحكيم! فكل ما أرى إلى فناء وزوال؟
قال: نعم. قال: فأي خير فيما يفنى؟ والله لأطلبن عيشا لا يزول أبدا.
قال: فانخلع من ملكه ولبس الأمساح وسلم وسار في الأرض. وتبعه الحكيم، فعبدا الله جميعا حتى ماتا. وهو الذي يقول فيه عدي بن زيد الشاعر:
وتذكر رب الخورنق إذ * أشرف يوما وللهدى تفكير سره ماله وكثرة ما يملك * والبحر معرضا والسدير فارعوى قلبه فقال وما غبطة * حي إلى الممات يصير