وفي رواية قال: يا قوم! اطرحوني في الماء وانجوا. فقام القوم، فاحتملوه شبه المشفقين عليه. فقال: ائتوا بي صدر السفينة. ففعلوا، فلما أشرفوا ليلقوه، فإذا الحوت فاتح فاه. فلما رأى ذلك، قال:
يا قوم! ردوني إلى مؤخر السفينة. ففعلوا، فلما أشرفوا، ذهبوا يطرحونه، فاستقبله الحوت فاتحا فاه. فلما رأى جوفه وهوله قال: يا قوم! ردوني إلى وسط السفينة. ففعلوا، فاستقبله، فقال:
ردوني إلى الجانب الآخر. فاستقبه غير فاتحا فاه ليأخذه. فقال: اطرحوني وانجوا فلا منجا من الله. فطرحوه، والتقمه الحوت قبل أن يبلغ الماء، وتصوب به.
رجع الحديث إلى الحسن، قال: فانطلق به الحوت إلى مسكنه من البحر، ثم انطلق به إلى قرار الأرض، فطاف به البحار أربعين يوما. فسمع يونس تسبيح الحصى وتسبيح الحيتان. قال: فجعل يسبح ويهلل ويقدس. وكان يقول في دعائه: سيدي! في السماء مسكنك، وفي الأرض قدرتك وعجائبك. سيدي! من الجبال أهبطتني، وفي البلاد سيرتني، وفي الظلمات الثلاث حبستني. إلهي سجنتني بسجن لم تسجن به أحدا قبلي. إلهي! عاقبتني بعقوبة لم تعاقب بها أحدا قبلي. فلما كان تمام أربعين يوما وأصابه الغم، (فنادى في المظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) [الأنبياء: 87] قال: فسمعت الملائكة بكاءه وعرفوا صوته، وبكت الملائكة