ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم في غداة واحدة؟!
فعند ذلك عرف يونس ذنبه، واستغفر ربه فغفر له.
وعن الزهري، قال. لما قوي يونس، كان يخرج من الشجرة يمينا وشمالا، فأتى على رجل يصنع الجرار، فقال يونس: يا عبد الله ما عملك؟ قال: أصنع الجرار وأبيعها وأطلب فيها فضل الله. فأوحى الله إلى يونس: أن قل له يكسر جراره، فقال يونس ذلك له، فغضب الجرار وقال: إنك رجل سوء! تأمرني بالفساد وتأمرني أن أكسر شيئا صنعته وعملته ورجوت خيره. فأوحى الله إلى يونس:
ألا ترى إلى هذا الجرار كيف غضب حين أمرته بكسر ما صنع؟
وأنت تأمرني بهلاك قومك! فما الذي يشق عليك أن يصلح من قومك مائة ألف أو يزيدون! قال الله سبحانه: (فلولا أنه كان من المسبحين) يعني من المصلين من قبل أن تنزل البلية، (للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) [الصافات: 143].
قال ابن عباس: من كان ذاكرا لله في الرخاء، ذكره الله في الشدة واستجاب له، ومن يغفل عن الله في الرخاء وذكره في الشدة، لم يستجب له. وقال الله تعالى: * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) *. فقال الله عز وجل: * (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك