فحسب أنه من طير الجنة، فجعل يتعجب من حسنه. وكان له ابن صغير، فقال: لو أخذت هذا فنظر اليه ابني. فأهوى اليه فتباعد منه، ويطمعه أحيانا من نفسه حتى تكاد تقع يده عليه، فتباعد منه أيضا. فما زال كذلك يدنو ويتباعد حتى قام من مجلسه وأطبق الزبور. فطلبه فوقع في الكوة، فطلبه في الكوة فرمى بنفسه في بستان، فاطلع داود فإذا بامرأة تغتسل.
قال قتادة عن بلال بن حسان: فأخرج رأسه من الكوة، فإذا هو بامرأة تغتسل، فنظر إلى أحسن خلق الله. ونظرت المرأة وإذا وجه رجل، فنشرت شعرها فغطت جسدها.
رجع إلى حديث الحسن قال: فزاده ذلك إعجابا. فرجع إلى مكانه وفي نفسه منها ما في نفسه. فبعث لينظر من هي؟ فرجع إليه الرسول فقال: هي تشايع ابنة حنانا، وزوجها أوريا ابن صورا، وهو في البلقاء مع ابن أخت داود محاصري قلعة. فكتب داود إلى ابن أخته كتابا: إذا جاءك كتابي هذا فمر أوريا بن صورا فليحمل التابوت وليتقدم أمام الجيش. وكان الذي يتقدم لا يرجع حتى يقتل أو يفتح الله عليه. فدعا صاحب الجيش أوريا فقرأ عليه الكتاب، فقال: سمعا وطاعة. فحمل التابوت وسار أمام أصحابه فقتل، وكتب ابن أخت داود بذلك إلى داود. فلما انقضت عدة المرأة أرسل إليها داود فخطبها فتزوجها.