ما رأيت رجلا قط أشرف على الموت; فما شغله ولا أذهله عما يريد حتى بلغه وخلصه الله - عز وجل - إلا تميم بن جميل، فإني رأيته بين يدي المعتصم وقد بسط له النطع وانتضي له السيف وكان رجلا جسيما وسيما. فأحب المعتصم أن يستنطقه لينظر أين منظره من مخبره، فقال له: تكلم! فقال: أما إذ أذن أمير المؤمنين، فالحمد لله * (الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) * [السجدة: 87] يا أمير المؤمنين!
جبر الله بك صدع الدين، ولم بك شعث المسلمين، إن الذنوب تخرس الألسنة وتخلع الأفئدة; وأيم الله! لقد عظمت الجريرة وانقطعت الحجة، وساء الظن، ولم يبق إلا عفوك أو انتقامك ثم أنشأ يقول:
أرى الموت بين السيف والنطع كامنا * يلاحظني من حيث ما أتلفت