لما حدا الحادي بقلبي إلى * طاعة ربي فك. أغلالي أجبته لبيك من موقظ * نبه بالتذكار أغفالي يا أم هل يقبلني سيدي * على الذي قد كان من حالي وا سوءتا إن ردني خائبا * ربي ولم يرض بإقبالي!
ثم شمر في العبادة وجد، وكان لا يفطر إلا بعد التراويح، ولا ينام إلا بعد طلوع الشمس. فقربت اليه أمه ليلة إفطاره، فامتنع وقال: أجد ألم الحمى، فأظن أن الأجل قد أزف. ثم فزع إلى محرابه ولسانه لا يفتر من الذكر. فبقي أربعة أيام على تلك الحال.
ثم استقبل القبلة يوما، وقال: إلهي عصيتك قويا، وأطعتك ضعيفا، وأسخطتك جلدا وخدمتك نحيفا، فليت شعري هل قبلتني؟ ثم سقط مغشيا عليه، فانشج وجهه، فقامت إليه أمه، فقالت: يا ثمرة فؤادي، وقرة عيني! رد جوابي. فأفاق فقال: يا أماه! هذا اليوم الذي كنت تحذريني، وهذا الوقت الذي كنت تخوفيني; فيا أسفي على الأيام الخوالي! يا أماه! إني خائف على نفسي أن يطول في النار حبسي; بالله عليك يا أماه، قومي فضعي رجلك على خدي حتى أذوق طعم الذل لعله يرحمني، ففعلت وهو يقول: هذا جزاء من أساء، ثم مات رحمه الله.