الطريق، فإذا هو بقافلة قد انتهت اليه ليلا، فقال بعضهم لبعض: اعدلوا بنا إلى هذه القرية فان أمامنا رجلا يقطع الطريق يقال له: الفضيل. قال: فسمع الفضيل، فأرعد، فقال: يا قوم! أنا الفضيل، جوزوا، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله أبدا! فرجع عما كان عليه.
وروي من طريق أخرى أنه أضافهم تلك الليلة; وقال: أنتم آمنون من الفضيل. وخرج يرتاد لهم علفا; ثم رجع فسمع قارئا يقرأ:
* (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) *. [الحديد: 6] قال: بلى والله قد آن. فكان هذا مبتدأ توبته.
وقال إبراهيم بن الأشعث: سمعت فضيلا ليلة وهو يقرأ سورة محمد صلى الله عليه وسلم ويبكي ويردد هذه الآية * (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) * [محمد: 31] وجعل يقول:
ونبلو أخباركم! ويردد ويقول: وتبلو أخبارنا! إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا! إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا!
وسمعته يقول: تزينت للناس وتصنعت لهم وتهيأت لهم، ولم تزل ترائي حتى عرفوك فقالوا: رجل صالح! فقضوا لك الحوائج، ووسعوا لك في المجلس، وعظموك، خيبة لك; ما أسوأ حالك إن كان هذا شأنك!
وسمعته يقول: إن قدرت أن لا تعرف فافعل; وما عليك أن لا تعرف، وما عليك إن لم يثن عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا.