غالية. ومسحته في القرطاس. فنمت تلك الليلة; فرأيت في المنام كأن قائلا يقول: يا بشر بن الحارث! رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة! ثم كان ما كان.
وحكي أن بشرا كان في زمن لهوه في داره، وعنده رفقاؤه يشربون ويطيبون. فاجتاز بهم رجل من الصالحين، فدق الباب.
فخرجت إليه جارية، فقال: صاحب هذه الدار حر أو عبد؟ فقالت:
بل حر! فقال: صدقت، لو كان عبدا لاستعمل أدب العبودية وترك اللهو والطرب. فسمع بشر محاورتهما فسارع إلى الباب حافيا حاسرا وقد ولى الرجل. فقال للجارية: ويحك! من كلمك على الباب؟
فأخبرته بما جرى. فقال: أي ناحية أخذ الرجل؟ فقالت: كذا، فتبعه بشر حتى لحقه; فقال له: يا سيدي! أنت الذي وقفت بالباب وخاطبت الجارية؟ قال: نعم. قال: أعد علي الكلام. فأعاده عليه.
فمرغ بشر خديه على الأرض وقال: بل عبد! عبد! ثم هام على وجهه حافيا حاسرا حتى عرف بالحفاء. فقيل له: لم لا تلبس نعلا؟ قال.
لأني ما صالحني مولاي إلا وأنا حاف. فلا أزول عن هذه الحالة حتى الممات.