المشقة، طلبا للحديث وبحثا عن أسانيد الأحاديث، بل عن إسناد الحديث الواحد. امتثالا لأمر الله تعالى، وتحقيقا لما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين:
قال تعالى: " فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ". (1) وقد كانت الرحلة في طلب الحديث من لوازم طريقة المحدثين ومنهجهم في التحصيل العلمي. قال الإمام ابن الصلاح (2): " وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمات التي ببلده فليرحل إلى غيره ". وقال يحيى بن معين: " أربعة لا تؤنس منهم رشدا: حارس الدرب، ومنادي القاضي، وابن المحدث، ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث (3) ".
ويبدو أثر الرحلة للناظر في أسانيد الأحاديث واضحا جليا، إذا ما تناولنا أي اسناد منها ودرسنا تاريخ رواته نجد في أغلب الأحيان أنهم ينتمون إلى أكثر من موطن، بل ربما وجدنا كل واحد منهم من بلدة، جمعت الرحلة في طلب الحديث شتاتهم وقربت بعد ما بينهم حتى تسلسلوا في قرن واحد في سند الحديث الواحد...!
أهداف الرحلة عند المحدثين:
وللرحلة أهداف ومقاصد جليلة لدي أهل الحديث نوضح أهمها فيما يلي: