هذه الخرافة التي قيلت مواساة له وتسلية لا حزانه. فكان العلم بالكون وبالطبيعة مدينا لهذا النبي الذي فتح العيون على حقائق الأمور الدينية ومهد السبيل لتقديم العلوم الطبيعية والكونية، فاستنارت القلوب بدعوته، وازدهرت الحضارة بشريعته، وتقدمت علوم الطبيعة والكون بتوجيهات رسالته (1).
اعتناء المسلمين بالحديث والاسناد:
بهذه الروح العلمية النابعة من الاسلام والقرآن حفظت هذه الأمة كتاب الله المنزل إليها، فنقلته بحفظ الصدور تلقيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمانة وثقة وتواتر، كما نقلته أيضا بحفظ السطور أخذا من الصحف التي دونت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأدت القرآن إلى العالم بغاية الدقة في تبليغ نصه وكيفية أدائه وتلاوته في كلماته وحروفه، وإدغاماته وإظهاراته وغناته، ومداته، ووقوفه ووصله... حتى وصل إلينا عبر القرون غضا طريا كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، مما لم يقدر لكتاب غيره.
ثم ذبت الكذب والحلل عن الحديث النبوي بما وضعته من قوانين للرواية هي أصح وأدق طريق علمي في نقل الروايات واختبارها.
وكان من أهم هذه القوانين البحث في إسناد الحديث، وفحص أحوال الرواة. وقد حث علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث، وعلى التثبث من أحوال الرواة وأن لا يأخذوا من الحديث إلا حديث من يوثق به دينا وحفظا، حتى شاعت لذي كافة الناس هذه القاعدة عن الصحابة:
(هامش) * (1) انظر التوسع في شرح حديث الكسوف وما يسن فيه وصفة صلاة الكسوف في كتابنا " هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلوات الخاصة " ص 167 - 175. (*)