وهذا منصب عظيم جدا، عني به المسلمون، وكانوا منذ سالف عهدهم الأول يراقبون الرواية، فأبو بكر الصديق كان يتثبت في الرواية. وعمر رضي الله عنه كان يحض على الاقلال من الرواية، خشية أن تزل أقدام المكثرين في الخطأ في الرواية. وكذلك فعل علي رضي الله عنه فقد راقب القصاص وكان يستحلف الراوي (1) ثم قام أئمة الاسلام بذلك خير قيام، فمن أثنوا عليه قبل حديثه وارتفع، ومن خفضوه لم يرتفع ميزانه، وكان الحكام من تحت إشارتهم، ينزلون العقاب بالكذابين والوضاعين. تحرزا وحفظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلل أو الكذب.
منهج الخطيب العلمي يمتاز الخطيب البغدادي بتعدد جوانبه العلمية التي عرف بها حتى أن دراسة منهجه العلمي تستغرق أبحاثا وفصولا مطولة، لا يحتملها هذا البحث الذي بنيناه على الاختصار الشديد، إلا أنا سنلقي على هذا المنهج ضوءا يفسح المجال لاستكمال صورة هذا الامام فنتكلم عن منهجه في هذه العلوم الثلاثة:
1 - علم الكلام، 2 - علم الفقه، 3 - الحديث وعلومه.
1 - منهجه في علم الكلام:
وأهم مسألة يعرف بها اتجاه العالم في هذا الميدان هي مسألة الصفات * (هامش) (1) انظر للتوسع في منهج الصحابة العلمي في الرواية كتابنا " منهج النقد في علوم الحديث " الدور الأول من أدوار علوم الحديث ص 29 - 50 وخصوصا قوانين الرواية في عهد الصحابة. (*)