" الطابع الدنيوي الخالص للسيطرة الأموية:
يسمى هذا الطابع " الملك " وقد اعتبره الأتقياء موقفا سيئا، وبما أن الأشخاص الأتقياء كانوا قد عزلوا عن الحياة العامة من قبل القادة فإنهم قد أعطوا كل ما عندهم للدراسة المتعمقة للشريعة الإسلامية، وفتشوا عن سنة النبي في أي مكان يمكن أن توجد فيه، وهذه بداية الرحلات في طلب الحديث " انتهي.
والواقع أن دلائل كثيرة جدا تثبت بطلان هذا الزعم، نذكر منها:
1 - ما أشرنا إليه من رحلة الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مثل ضمام ابن ثعلبة، فان التحقيق في خبره يدل على أن الاسلام دخل قلبه قبل لقائه للنبي صلى الله عليه وسلم لكنه جاء ليسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما كان بلغه عنه.
2 - ما هو ثابت من رحلات التابعين في عصر صدر الخلافة الراشدة، كما سبق (1) أن ذكرنا من " أن علقمة والأسود كانا يبلغهما الحديث عن عمر رضي الله عنه فلا يقنعها حتى يخرجا إلى عمر فيسمعانه منه " وهو أثر صحيح ظاهر الدلالة على أن الرحلة في طلب الحديث الواحد وجدت قبل عصر الأمويين بزمن بعيد، فكيف بطلب مجموعات من الحديث، وقد احتج بهذا الأثر الامام المحدث الحافظ الجليل أبو عمرو ابن الصلاح على سنية الرحلة وأهميتها في طلب الحديث (2).