كان يحيى إماما محدثا وفقيها كبيرا (1). وهكذا كان كبار العلماء يفعلون، يأخذون المذهب وقد يختارون في بعض المسائل غير حكم المذهب.
وقد قال الإمام أبو داود السجستاني: " رحم الله أبا حنيفة كان إماما " (2).
وفي الواقع أن شأن أبي حنيفة رضي الله عنه أكبر من أن يحتاج للدفاع عنه، وإن ما فعله الخطيب خطيئة وقع فيها، تأثر فيها بتيار المناقشات الدنيوية التي أدى إليها التعصب المذهبي المقيت، وكانت بغداد مرتعا خصبا لذلك. وهذا كله على فرض ثبوت ذلك عن الخطيب البغدادي هو هفوة منه - ولكل جواد كبوة - تغمرها حسناته وخدماته للاسلام.
ويرى بعض العلماء المحققين عدم صحة ذلك، وأنه مدسوس على كتاب الخطيب، واستشهدوا لذلك بدلائل قوية لا نطيل بها تدل على عدم ثبوت ذلك عنه (3)، وذلك هو الذي يليق بمثله.
3 - منهج الخطيب في علم الحديث:
وعلم الحديث أشهر ما عرف به الخطيب البغدادي وظهر فيه أثره، فقد كان محدثا حافظا إماما، واحد زمانه في علم الحديث وفنونه، برع في سلوك طريقة المحدثين حتى وافي النهاية، وحسبك في هذا أن ينصب