عثرت على هذا الكتاب في أثناء تطوافي بين مخطوطات " دار الكتب الظاهرية " العامرة، فلفت نظري طرافة موضوعة، ثم طالعته فجدبني إليه حسن اختيار مادته ومضمونه، حيث خصص الامام الخطيب كتابه هذا للرحلة في طلب الحديث الواحد فقط، لا لطلب الحديث جملة.
فاستنسخت الكتاب ثم قابلته بالنسختين الخطيتين بالدار، توطئة لتحقيقه، وتقديمه لشبابنا المثقف، بل لأهل العلم في كافة الأقطار (1).
وقد قدمت للكتاب بتمهيد موجز عن إعجاز النبوة العلمي، لأن مجدنا العلمي والحضاري، بل مجد العالم إنما هو فرع لما ابتنت عليه هذه الدعوة، وتمرة لما قامت عليه من تحرير الفكر والعلم من الأغلال.
وشرحت عناية المسلمين بالمحافظة على الأصل الموجه لهذه الحضارة، أعني القرآن والحديث، وما اختصهم الله به من علم لم يعرفه غيرهم، أعني علم نقد الروايات، وما بذلوا من أجله من جهود تفوق الوصف والبيان. وعرفت بالخطيب البغدادي ومنهجه العلمي تعريفا موجزا، يبرز جانب العبرة التي نقصدها من نشر هذا الكتاب. ويرد على أعداء المحدثين من المستشرقين ومن يقلدهم في بعض مزاعمهم.
ثم في التعليق على الكتاب خرجت الأحاديث النبوية، وتكلمت على أسانيدها مراعيا جانب الإيجاز، ورجعت في ذلك إلى المراجع الأصلية المطبوعة والمخطوطة، وكان لذلك فائدة كبيرة في جلاء رتبة أحاديث الكتاب وحالها من الصحة أو الضعف، وفي تحقيق نصها أيضا، فقد